نشرت شبكة أفروباروميتر البحثية الإفريقية نتائج استطلاع حول اهتمامات وآراء الشباب المغربي، وهم الاستطلاع مقابلات مع عينة تمثيلية وطنياً تضم 1200 مواطن بالغ في فبراير 2024. وتسمح هذه العينة بالحصول على نتائج على مستوى البلاد بهامش خطأ يبلغ +/- 3 نقاط مئوية عند مستوى ثقة 95%.
وأوضحت المؤسسة غير الحزبية والتي تُجري استطلاعات رأي حول تجارب الأفارقة وتقييماتهم للديمقراطية والحكامة وجودة الحياة منذ عام 1999، أنه رغم التحسن في مستويات التعليم، لا تزال وضعية التشغيل لدى الشباب المغربي تشكل تحديًا كبيرًا، حيث توجد نسب ملحوظة من الشباب غير المنخرطين في سوق الشغل. من بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة، تبلغ نسبة غير الموظفين 63%، منهم 21% يبحثون بنشاط عن عمل، وهي نسبة تعادل ثلاثة أضعاف معدل البحث عن العمل لدى الفئة العمرية من 36 إلى 45 سنة (7%).
عندما سؤالهم عن نوع العمل المفضل لديهم، قال ما يقرب من نصف الشباب المغربي (47%) إنهم يرغبون في إنشاء مشاريعهم الخاصة، وهي نسبة تقل قليلاً عن المتوسط الوطني (50%).
في الوقت نفسه، يرى العديد من الشباب المغاربة أن العمل في القطاع العام خيار جذاب. إذ يفضل نحو ثلثهم (31%) العمل في القطاع العام، وهي نسبة أكبر بكثير من تلك بين البالغين الأكبر سنًا. بالمقابل، يعبّر عدد قليل من الشباب عن تفضيلهم للعمل في القطاع الخاص (10%) أو في المنظمات غير الحكومية (3%).
أولويات الشباب
بالنسبة للشباب المغاربة، كما هو الحال لدى البالغين بشكل عام، تحتل البطالة المرتبة الأولى بين أهم المشاكل التي تواجه البلاد. حيث يرى سبعة من كل عشرة شباب (70%) أن نقص فرص الشغل من بين أهم ثلاث مشكلات يجب على الحكومة معالجتها. وبينما تعتبر البطالة قضية مشتركة بين الأجيال، فإنها تمثل أولوية أكثر إلحاحًا للشباب، إذ تقل نسبة الإشارة إليها كأولوية قصوى لدى الفئات العمرية الأكبر بمقدار 15 إلى 23 نقطة مئوية.
تأتي الزيادة في تكاليف المعيشة في المرتبة الثانية بين الاهتمامات الكبرى، حيث أشار إليها 47% من الشباب، مقابل 52%-53% من البالغين الأكبر سنًا.
ويعتبر أكثر من أربعة من كل عشرة شباب (44%) أن الجفاف مشكلة كبرى، وهي قضية أكثر إلحاحًا بين الفئات العمرية الأكبر (49%-63%).
تقل النسب التي تذكر الصحة (29%) والفقر (11%) كأولويات قصوى لدى الشباب. ومن اللافت أن الشباب أكثر ميلاً من البالغين الأكبر سنًا إلى اعتبار التعليم أولوية وطنية؛ إذ يدرج 44% من الشباب التعليم ضمن أهم ثلاث اهتمامات لهم، مقارنة بنسبة تتراوح بين 30% و39% لدى الفئات الأكبر سنًا.
وعبر الشباب المغربي عن آراء نقدية تجاه أداء الحكومة في العديد من القضايا التي يعتبرونها أولوية. أقل من نصف الشباب يرون أن الحكومة تقوم بـ"عمل جيد إلى حد ما" أو "جيد جدًا" في تحسين الخدمات الصحية الأساسية (45%) وتلبية احتياجات التعليم (40%).
وتنخفض التقييمات أكثر فيما يتعلق بخفض معدلات الفقر (28%) وخلق فرص الشغل (20%). أما في ما يخص الحفاظ على استقرار الأسعار، فلا تتجاوز نسبة الشباب الذين يثنون على جهود الحكومة 14%، وهي نسبة أقل لدى الفئات العمرية الأكبر.
الاتجاه العام للبلاد والهجرة
رغم التحديات الاقتصادية، يظهر معظم المغاربة تفاؤلًا ملحوظًا بشأن الاتجاه العام للبلاد. حيث يقول ما يقرب من ثلاثة أرباع الشباب (73%) إن المغرب يسير في "الاتجاه الصحيح"، وهي نسبة تعادل تفاؤل البالغين فوق سن 46 عامًا. في المقابل، المستجيبون الذين تتراوح أعمارهم بين 36 و45 عامًا أقل يقينًا بشأن مسار البلاد، حيث يرى 59% منهم أن المغرب يسير في "الاتجاه الصحيح".
في ظل هذا الجو من الاستياء الواسع تجاه الأوضاع الاقتصادية وأداء الحكومة، يزداد اهتمام الشباب المغربي بالهجرة حيث يقول (28%) إنهم فكروا "كثيرًا" في مغادرة البلاد، بينما أعرب آخرون عن تفكيرهم في الهجرة بدرجات متفاوتة، إذ قال 15% إنهم فكروا فيها "إلى حد ما"، و21% "قليلاً". في المقابل، صرح 36% فقط بأنهم لم يفكروا في الأمر.
وينخفض التفكير في مغادرة المغرب مع تقدم العمر، حيث أعرب 9%، 7%، و3% من الفئات العمرية المتعاقبة عن أنهم فكروا في الهجرة "كثيرًا".
ومع ذلك، زاد اهتمام الشباب بالهجرة مع مرور الوقت، إذ كانت نسبة من قالوا إنهم فكروا في الهجرة "كثيرًا" تبلغ 20% في عام 2017، لترتفع بنسبة 8 نقاط مئوية منذ ذلك الحين.
ولدى معظم الشباب، الدافع الرئيسي هو اقتصادي. فأكثر من نصف الشباب الذين فكروا في الهجرة "على الأقل قليلاً" (54%) يذكرون البحث عن فرص عمل أفضل كسبب رئيسي، في حين يرغب 12% منهم في البحث عن فرص تجارية أفضل. أما الآخرون فيرغبون في مواصلة تعليمهم (12%)، أو الهروب من الفقر (10%)، أو السفر (4%).